للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عثمان يقول على المنبر: أيُّها الناس! إنِّي كَتَمْتكُم حديثًا سمعته من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كراهية تفرُّقكم عَنِّي، ثم بَدَا لي أن أحدِّثكم، ليَختار امرؤ لنفسه ما بدا له، سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "رباط يومٍ في سبيلِ اللهِ خير من ألفِ يومٍ فيما سواهُ من المَنَازِل".

فقد بيّن لهم عثمان هذا الحديث مع كونهم كانوا مقيمين عنده بالمدينة النبوية؛ مُصَلّين في المسجد الذي قال فيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألفِ صلاةٍ فيما سواهُ من المساجد إلَاّ المسجد الحرامَ" (١).

ودلَّ ذلك على أن تضعيف الصلاة لا يقاوم تضعيف اليوم الذي يعمُّ جميع الأعمال، فإن الجهاد يقاوم ما لا يمكن المُداومة عليه من صيام وقيام. كما في الصحيحين (٢) عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله! ما يَعْدِلُ الجهادَ في سبيلِ الله؟ قال: "لا تَسْتَطيعون". قال: فأعادوا عليه مرَّتينِ أو ثلاثًا، كل ذلك يقول: "لا تَستطيعون". قال في الثالثة: "مَثَلُ المجاهدِ في سبيلِ الله كمَثَلِ الصائمِ القائمِ القانتِ بآيات الله لا يَفتُرُ من صيامٍ ولا صلاةٍ حتى يَرْجعَ المجاهدُ في سبيلِ اللهِ". هذا لفظ مسلم.

ولفظ البخاري (٣): جاءَ رجلٌ إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: دُلَّني على


(١) أخرجه البخاري (١١٩٠) ومسلم (١٣٩٤) عن أبي هريرة.
(٢) البخاري (٢٧٨٥) ومسلم (١٨٧٨).
(٣) الموضع المذكور.