للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضعيف". وفي حديث آخر (١): هل على النساء جهاد؟ قال: "جهاد لا قتالَ فيه: الحج والعمرة".

سياقُ الحديث المُتَقَدِّم بيَّن ذلك، فإنها قالت: نَرَى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد معك؟ قال: "لَكُنَّ أفضل الجهاد: حجّ مبرور". فقد أقرَّها على قولها: "نرى الجهاد أفضل العمل"، ثم ذكر أن "أفضل الجهاد الحج المبرور".

وفي اللفظ الآخر (٢): ألا نَخْرُج فنجاهِد معكَ فإنِّي لا أرى عملاً في القرآن أفضل مِن الجهاد؟ قال: "لَكُنَّ أحسن الجهاد وأجمله حجّ مبرور". فأقرها على قولها بفضل الجهاد، ثم لما استأذنته في الجهاد (٣) المعروف قال: "لا، ولكُنَّ أحسن الجهاد وأجمله حج البيت"، وجعل فضلَه بكونه جهادا، ومعلوم بالحس أن الجهاد لا يقاوم الجهاد في الكفار والمنافقين؛ فعُلِمَ أنه أراد جهاد النساء، واللام للتعريف، ينصرفُ إلى ما يعرفه المُخَاطب.

ومقصود الناقل هنا الجهاد الذي هو أفضل العمل له عند الله؛ فَبَيَّن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن الجهاد الذي هو مقصوده ومطلوبه هو الحجّ؛ فإن السائل ضعيف؛ والحج جهادُ كل ضعيف. وفي صحيح مسلم (٤) عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "المؤمنُ القَوِيُّ خير وأَحَبُّ إلى


(١) أخرجه أحمد (٦/ ١٦٥) وابن ماجه (٢٩٥١).
(٢) هذا لفظ رواية البخاري (١٨٦١).
(٣) في الأصل: "الحج" وهو خطأ.
(٤) برقم (٢٦٦٤).