للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إذا كان اللفظ فيه إجمال، فإطلاقه بلا تفسيرٍ ممنوع منه، لما فيه من إضلال المستمع، وتنفير القلوب الصحيحة، ولعدم دلالته على المعنى المقصود إلا بعد مقدمات غير مذكورة، لكن هؤلاء يجعلون ذلك متعلقًا بنفسه فقط، فيقولون: هو عاشق ومحبّ لنفسه، ويلتذُّ ويبتهج بها، [و] الذي جاءت به الكتب والرسل أن حكم ذلك يتصل بعباده الصالحين، فيحبهم ويرضى عنهم ويفرح بتوبتهم، وإلى هذا دعت الرسل، وفيه نزلت الكتب.

والقراَن والإيمان يفرِّقان بين من يحبه ويبغضه، ويرضاه ويسخطه، ويودُّه ويمقته، وبذلك حصل الفرق بين أولياء الله وأعدائه. وأولئك المتفلسفة لا يصعدون إلى هذا، فإنهم صابئة، وغالبهم عُبَّاد لغير ذلك من العلويات والسفليات إلا من هداه الله، فآمن بالله واليوم الآخر، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)) (١).

وأما كون ذلك مستلزمًا للحدث أو الإمكان فلا دليلَ عليه البتة، بل عامة الصفات الثابتة قد يقال فيها مثل ذلك. ومن أثبتَ شيئًا من الصفات مثل إرادة قائمة، يُورَدُ عليه مثلُ ذلك، بل نفس إثبات كونه خالقًا وآمرًا بالدين، يُورَدُ عليه مثلُ ذلك، وهو إيراد فاسد، لأن مبناه على قياس الله على ابن اَدم، الذي كان معدومًا ثم وُجِدَ، ولا وجودَ له


(١) سورة البقرة: ٦٢.