وهذا بعينه هو العجز حال التعاون إذ كان كل منهما عاجزًا عن الفعل وحده، فظهر بما ذكرناه أن دليل التمانع إنما يصح إذا كان التمانع لازمًا لهما أو جائزًا عليهما، وأما إذا قدّر وجوب اتحاد الإرادتين، كان هو الدليل الأول المذكور في امتناع الفعل الواحد من فاعلين، ولزوم العجز للمتعاونين، لكن ذاك عجز عن الاستقلال بالفعل، وهذا عجز عن منع الآخر منه.
وأيضا فإن المتعاونين لأنه لا يتميز مفعول أحدهما عن مفعول الآخر، فلا يكون الشيء الواحد الموجود في العالم واحدًا فِعْلَ أحدهما.
ومعلوم أن العالم يتميز فيه هذا عن هذا، يدلّ عليه قوله:(إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ)(١)، ولهذا قال الثنوية: بأن مفعول النور ليس هو مفعول الظلمة، بل زعموا باختلاط المفعولين وامتزاجهما مع التباين، كما زعم من زعم من الثنوية بأن نفس الأصلين امتزجا واختلطا ثم تميزا، فلم يقل أحد من العقلاء: إن المفعول الواحد صدر عن اثنين، وهذا توحيد الربوبية، وهو متفق عليه بين العقلاء، ولم يكن هو المقصود بالذكر ولا الآية أنزلت لتقريره، كما يظنه من يظنه من المتكلمين، وإنما هي لتوحيد الإلهية المستلزم لتوحيد الربوبية، وهو الذي قصدناه في هذا الموضع.