للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك من حين الطلاقِ، فهي من حين الطلاق تتربَّصُ، وهذه لو كانت مطلَّقةً لم تُؤمر بتربُّص ثلاثة قروء من حين الطلاق، ولا هي من أولات الأحمال، فعُلِمَ أنها ليست مطلقة.

ومما يُوضِّح ذلك أن قوله (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) إمّا أن يقال: إنها عامة في كل مطلقة، ثمَّ استُثْنِيَتْ ذاتُ الحمل، كما قال ذلك طائفة؛ وإما أن يقال: بل هي مختصة بغير ذاتِ الحمل لم تتناولْ لغيرهن، فإنّ القرآن قد بَيَّن أن غير المدخولِ بها لا عِدَّةَ عليها بقوله: (إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا) (١). ولهذا قال من قال: إن هذه الصورة مستثناة مخصوصة من هذا العموم.

وقد يقال: الآية لم تَشمل غيرَ المدخولِ بها، فإنه قد قال في سياقها: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (٢)، وقبل الدخول ليس لها حق في المعاشرة. وقال أيضًا: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) (٣)، وهذا مختص بالمدخول بها، فغير المدخول بها يَرجِعُ إليه نصفُ مَهرِها الذي أعطاها، بقوله: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) (٤). ولأن قوله: (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ) (٥) يتناول الحيضَ والولدَ. ومن لم يدخل بها ليس له منها ولد.


(١) سورة الأحزاب: ٤٩.
(٢) سورة البقرة: ٢٢٨.
(٣) سورة البقرة: ٢٢٩.
(٤) سورة البقرة: ٢٣٧.
(٥) سورة البقرة: ٢٢٨.