للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر، وأن المؤمنين إذا صبروا واتقوا لا يضرهم كيدهم شيئًا.

فعُلِمَ أنه ليس كلُّ ظالم يضرُّ المظلومَ البتةَ، بل قد لا يضرُّه ظلمُه شيئًا وإن قَصَدَ الظالمُ إضرارَه، ومنه قوله تعالى: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ) الآية (١). ومعلومٌ أن ذلك من ظلمهم، ومع هذا فلا يضرونه.

وفي صحيح مسلم (٢) عن سعد عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من أكلَ سبعَ تمراتٍ مما بينَ لابَتَيْها حينَ يُصبح لم يَضُرَّه سُمٌّ حتى يُمسِيَ ". والسُّمّ قد يكون من شقي ظالم.

وفي الصحيح (٣): "من قال إذا نزلَ منزلاً: أعوذ بكلمات الله التاماتِ من شر ما خلق، لم يضرَّه شيء في ذلك المنزل حتى يَرْتَحِلَ منه". وقد يعرض له ظالمٌ من الإنس أو الجن بظلمٍ أو أذى ولا ... (٤) وقد أمر الله بالاستعاذة من شرِّ ما خلق، وشرّ النفاثات في العقد، وشرِّ حاسدٍ إذا حسد، ومن أعاذه الله لم يَضُره ذلك، وهو كله ظلم.

وكذلك قوله في الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة: "لا يضرهم من خَذَلَهم ولا من خالفَهم " (٥)، فهم يُضَرون ويُخالَفون، وذلك ظلم،


(١) سورة النساء: ١١٣.
(٢) برقم (٢٠٤٧).
(٣) مسلم (٢٧٠٨) عن خولة بنت حكيم.
(٤) هنا كلمة مطموسة في الأصل. ولعلها:" يضره ذلك ".
(٥) سبق تخريجه.