للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على قولين (١). والأول قاله بعضُ أهلِ التفسير، كما ذكره مقاتل بن سليمان، وكما رُوِي عن الضحاك أيضًا، وهو شيخُ مقاتل. قالوا: إنّ اللهَ استثنى من هذه الآية من لم يُدخَلْ بها، واستثنى منها ذواتِ الحمل، واستثنى الصغيرة والكبيرة.

فأما استثناءُ من لم يُدخل [بها] (٢) فقد قاله غيرُ هؤلاء، ورواه أبو داود في سننه (٣) عن ابن عباس، وتقدم القول فيه.

وأما استثناءُ هؤلاءِ وإخراجُهن من الآية فقول ضعيف. والصواب أن الآية لم تشمل هؤلاء:

أما الصغيرة والكبيرة فإنهن لا يحضن، وقوله (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) هي الحيض التي يكون فيها طُهر، فلابدّ أن يكون ذلك فيمن تحيض وتطهر، ويَمتنع أن يقال لمن لا قروءَ لها: تتربَّصُ ثلاثة قروء. فالآية لم تشمل أولئك.

ولم يقل أحدٌ: إنه استُثنِيَ منها المتوفى عنها، فإنّ لفظ المطلقات لا يتناول من ماتَ عنها زوجُها.

وأما أولاتُ الأحمال فنقول: لو شَمِلَها اللفظُ لكانت تحتاج أن تتربَّصَ ثلاثةَ قروء بعدَ وضع الحمل وانقضاءِ النفاس، فإن العادة الغالبة أن الحامل لا تَرَى دمًا، وقد تراهُ نادرًا، والفقهاء مختلفون هل هو حيض أم لا؟ ولو قيل: هو حيضٌ نزاع أنه لا تَقضي به العدة، ثمّ إنها ترى النفاس، ثمَّ تتربص ثلاثة قروء، فتبقى في العدة أكثر من


(١) انظر: "زاد المسير" (١/ ٢٦٢) والقرطبي (٣/ ١١٢).
(٢) زيادة على الأصل.
(٣) برقم (٢٢٨٢).