للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإيمان، بخلاف العافية والرزق والهداية العامة، فإنها تحصلُ بدون الإيمان، فإن الكافر قد يهديه الله فيصير مؤمنًا، وقد يُعافيه ويرزقه مع كفره، وقد يُجابُ دعاؤه. والمغفرةُ إنما هي للمؤمنين، فهي النهاية. ولهذا قال في المنافقين (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) (١)، وقال فيهم: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (٢)، وقال: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى) (٣)، وقال: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) الآية (٤). فأمرهم الله بالاقتداء بهم إلا في الاستغفار للمشركين.

وفي الصحيح (٥) أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "استأذنتُ ربي في الاستغفار لأمي فلم يأذن لي، واستأذنتُه في أن أزور قبرها فأذن لي". وفي الصحيح (٦) أنه قال لأبي طالب: "لأستغفرنّ لك ما لم أنْهَ عنك"، فأنزل الله: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) (٧). وفي


(١) سورة التوبة: ٨٠.
(٢) سورة المنافقون: ٦.
(٣) سورة التوبة: ١١٣.
(٤) سورة الممتحنة: ٤.
(٥) مسلم (٩٧٦) عن أبي هريرة.
(٦) البخاري (١٣٦٠ ومواضع أخرى) ومسلم (٢٤) عن المسيب بن حزن.
(٧) سورة التوبة: ١١٣.