للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العرب: سَجَدتِ النَّخلةُ، إذا مالت، فهذا إدخال الركوع في مسمى السجود، فإنه مبدؤه وأوله. وأما الآخر فكقوله في قصة داود: (وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) (١)، وإنما هو سجودٌ بالأرض، كما ثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصحيح (٢) أنه قال: "سَجَدَها داودُ توبة، ونحن نسجدها شكرًا"، فإن الركوع يحصل بالانحناء، والزيادة على ذلك إلى حدّ الأرض زيادةٌ فيه.

ويُعبَّر عن الصلاة تارة بلفظ الركوع، كما في قوله: (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٣)، وقوله: (اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٤).

ولهذا إذا كانت السجدة في آخر السورة أجزأ ما في الصلاة من السجود والركوع عن سجود التلاوة، كما يُروى ذلك عن ابن مسعود، وهذا هو المنصوص عن أحمد، وهو قولُ من قال من فقهاء العراق وغيرهم، لكن هل المجزئ عن سجود التلاوة هو الركوع أو سجود الصلب أو كلاهما؟ فيه نزاعٌ ليس هذا موضعه.

وممّا يبيِّن أصلَ الكلام أن ما في القرآن من الأمر بالسجود- كقوله: (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) (٥) - هو أمرٌ بركوع الصلاة وسجودها، والله سبحانه وتعالى كما يَقرِنُ بعض أركان الصلاةِ ببعض- كما قَرَنَ بين


(١) سورة ص: ٢٤.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ النسائي في الكبرى (١١٣٧٤) من حديث ابن عباس. ورواه البخاري (٤٨٠٧) بمعناه.
(٣) سورة البقرة: ٤٣.
(٤) سورة آل عمران: ٤٣.
(٥) سورة الحج: ٧٧.