للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصر العدد [و] أنه معلَّقٌ بالسفر مع الخوف، كما ظنَّ بعضهم أن الجُنُب لا يتيمَّمُ، وظنَّ عمّارٌ أنه يتيمَّم عن الجنابة بالتمرُّغ في التراب كما تتمرَّغُ الدابة، وظنَّ عمارٌ وغيره من الصحابة أن التيمُّم يمسح فيه اليدين إلى الآباط، فلما سألوا النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيَّن لهم أنه يُجزِئ المسحُ إلى الكُوعَيْنِ وأن الجنب يتيمَّم كذلك (١)، وكان ما ذكرَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - موافقًا لما دلَّ عليه القرآن، لا يخالفُه لا لباطنِه ولا لظاهرِه، ولكن كلّ أحدٍ منهم يفهم ما دلَّ عليه القرآن، فقد يظهر له معنًى يظنُّ أن ظاهر القرآن دلَّ عليه، ويكون من نَقْصِ فهمِه لا من نقصِ دلالةِ القرآن.

كمن ظنَّ أن قوله: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) (٢) يَمنَع الفسخَ الذي أمر [به] النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابَه، والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أطوعُ الخلق لربِّه وأتبعُهم لهذه الآية، فكيف يأمرهم بأن لا يتمُّوا الحج والعمرة لله؟ والذي لا يتم هو الذي يَحِلُّ بعمرةٍ لا يتمتع بها أو بلا عمرةٍ، وهذا لا يجوز بالإجماع.

وأما من أحلَّ بعمرةٍ وتَمتَعَّ بها فعمرتُه جزءٌ من الحج، وهو ...... (٣) بصوم الأيام الثلاثة التي قيل فيها: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) (٤)، وعمرتُه قد دخلتْ في حجته، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "دخلَتِ العمرةُ في الحج إلى يوم القيامة" (٥)، كما دخلَ الوضوء في الغسلِ غُسلِ الجنابة وغُسل


(١) أخرجه البخاري (٣٣٨) ومسلم (٣٦٨).
(٢) سورة البقرة: ١٩٦.
(٣) هنا كلمات غير واضحة في الأصل.
(٤) سورة البقرة: ١٩٦.
(٥) أخرجه بهذا اللفظ أحمد في مسنده (١/ ٢٣٦، ٢٥٣، ٢٥٩، ٣٤١) من حديث ابن عباس، وأخرجه أيضًا مسلم (١٢٤١).