للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزكاة فله ذلك. وإن أرادَ المطالبةَ بالنفقةِ وقال: لا أريدُ إلا النفقةَ دونَ الزكاةِ، فهذا فيه نظرٌ ونزاعٌ، وأما إذا اتفقا على الصلة جاز بالاتفاق، فكذلك إذا اتفقا على الإعطاء من الزكاة هو جائزٌ أيضًا. كما لو كان الغنيُّ يُعطِيه من صدقةٍ موقوفةٍ، أو من صدقةٍ هو وكيلٌ فيها أو ولي عليها.

فإن قيل: إذا أعطاه وَقَى بها مالَه، وقد ذكر الإمامُ أحمد عن سفيان ابن عيينة قال: كان العلماء يقولون: لا يَقِيْ بها مالَه، ولا يُحَابي بها قريبًا، ولا يَدفَعُ بها مَذمَّةً.

قيل: هذا إنما يكون إذا كان القريب من عيالِه، فيُعطِيه ما يَستَغْنِي به عن النفقةِ المعتادة، ففي مثل هذه الصورة لا يُجزِئُه على الصحيح، وهو المنقول عن ابن عباس وغيرِه، أَفتَوا بأنه إذا كان من عياله لم يُعطِه ما يَدفَعُ به الإنفاقَ عليه. حتى لو كان متبرّعًا باِلإنفاقِ على رجلٍ لم يكن له أن يُعطِيَه ما يقِي به مالَه، لأنه هنا دَفعَ عن نفسِه بالزكاة، فأخرجها لغَرَضِه لا للهِ، والزكاة عليه أن يُخرِجَها لله، وإن لم يكن هذا واجبًا بالشرع، لكن العادات لازمةٌ لأصحابها. والمحاباةُ أن يُعطِيَ القريبَ وهناك من هو أحقُّ منه، وأما إذا استويا في الحاجة وأعطاهُ لم يكن هذا محاباةً. وهذا بخلاف ما إذا لم تكن عادتُه الإنفاقَ على الأخ، فإن وجوبَ الإنفاق عليه مشروطٌ بعدمِ قدرته على الأخذ من الزكاة واختيار ذلك، فمتى كان قادرًا على الأخذِ مريدًا له لم يستحق في هذه الحال نفقةً. كما لو حَصَلَ ذلك مع غنى أجنبيّ، فإنه إذا اختارَ الأخذَ من زكاته لم يجب على أخيه في هذه الحال الإنفاقُ عليه.