التي فيها شجر، ويجوز سواء كان البذرُ من ربِّ الأرض أو من العامل أو منهما، بل إذا كان البذرُ من العامَل فهو أولى بالجواز، وهذا الذي عاملَ عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأهل خيبر، عاملَهم بشَطْر ما يخرج منها من ثمر وزرعٍ على أن يعملوها من أموالهم. رواه البخاري في صحيحه (١).
وكذلك الصحابة جوَّزوها على هذا الوجه.
ومن قال من الفقهاء أن يكون البذرُ فيها من ربِّ الأرض قاسَها على المضاربة، إذ كان المال فيها منَ واحد والعملُ من آخر. وهو قياسٌ فاسدٌ من وجهين:
أحدهما: أن المال في المضاربة يعودُ إلى المالك، ويقتسمانِ الرِّبْح، والبذرُ هنا لا يعودُ إلى العامل، فلو كان يجري مجرى المال لوجبَ أن يعودَ نظيرُه إلى صاحبه، فعُلِمَ أنهم جعلوه من باب الأعيان التي تجري مجرى المنافع، كاَلماء الذي تُسقَى به الأرضُ والعَلَفِ الذي تُعلَف به البقر.
الوجه الثاني: أنه في المضاربة لو كان من هذا مالٌ والعملُ، ومن هذا مالٌ والعملُ من أحدهما لجاز ذلك في أصحّ قولي العلماء. فيجوز ببدنَيْنِ ومالٍ، ومالٍ وبَدَنينِ، فكذلك يجوز نظيرُه في المساقاة والمزارعة. وكذلك المؤاجرة، لم يَنْهَ عنها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بل ما نهى عنه من كِراءِ الأرض ومن المخابرة فهو ما كانوا يفعلونه، وهو أن يشترط ربُّ الأرض زرعَ بُقْعَةٍ بعينها، فهذا لا يجوز. وإذا كانت الإجارةُ