للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمتعدين، عاقبه اللهُ على ذلك، وإن قَتَل قتلًا مباحًا كقتل المقتصّ، لم يُثب ولم يُعاقب، إلا أن يكون له نيةٌ حسنة أو سيئة في أحدهما.

والأجل أجلان: أجل مطلق يعلمه الله، وأجلٌ مقيَّد، وبهذا تبيّن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن سَرَّه أن يُبْسَط له في رِزْقه ويُنسأ له في أثره، فليَصِل رَحِمَه» (١)، فإنّ الله أمر المَلَك أن يكتب له أجلًا وقال: إن وَصَل رَحِمَه كتب له (٢) كذا وكذا. والملك لا يعلم أيزاد (٣) أم لا، ولكن الله يعلم ما يستقرّ الأمر عليه، فإذا جاء ذلك لا يتقدَّم ولا يتأخّر.

ولو لم يُقتل المقتول فقد قال بعض القدرية: إنه كان يعيش، وقال بعضُ نفاة الأسباب: إنه كان يموت، وكلاهما خطأ، فإن الله علم أنه يموت بالقتل، فإذا قُدر خلاف معلومه كان تقديرًا لما لا يكون لو كان كيف كان يكون. وهذا قد يعلمه بعض الناس وقد لا يعلمه.

فلو فرضنا أنَّ الله علم أنه لا يُقتل أمكن أن يكون قَدَّر موته في هذا الوقت، وأمكن أن يكون قَدَّر حياته إلى وقتٍ آخر، فالجزم بأحد هذين على التقدير الذي لا يكون جَهْل. وهذا كمن قال: لو لم يأكل هذا ما قُدّر له من الرزق قد كان يموت أو يرزق شيئًا آخر. وبمنزلة من قال: لو لم يُحْبِل هذا الرجل [ق ٤٣] لهذه المرأة هل كانت عقيمًا أم يُحبلها رجلٌ


(١) أخرجه البخاري (٢٠٦٧)، ومسلم (٢٥٥٧) من حديث أنسٍ رضي الله عنه.
(٢) (ف): «زدته».
(٣) (ف): «يزداد».