للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلَّم ثلاثًا" (١)، وأمثال ذلك مما يقتضي لفظُ العددِ فيه تكريرَ القول. لاسيَّما وهو لم يقل: "الطلاق طلقتان"، وإنما قال (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ). وإذا قال: "هي طالق ثلاثًا" قد يقال: إنه طلَّقها ثلاثًا، لكن لا يقال: طلَّقها ثلاث مرات، بل إنما طلَّقها مرةً واحدةً. وكذلك لو قال: "هي طالقٌ طلقتَينِ" إنما يقال: طلَّقها مرةً واحدةً، لا يقال: طلَّقها مرتين.

وإمَّا (٢) أن يريد به "طلقتان" سواء كان بكلمة أو كلمتين، ولو أريد هذا لقيل: "الطلاق ثلاث لم يقل: "الطلاق مرتان"، بخلاف ما إذا أريد الأول، فإن المراد الطلاق المذكور، وهو الطلاق الرجعي مرتان: مرةً بعد مرة؛ والثالثةُ الطلاقُ بعد الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان، وهو قوله (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ)، ولو أريد هذا لقيل: "الطلاق طلقتان"، ولم يقل "الطلاق مرتان". وقوله تعالى (نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ) (٣) هو على مقتضاه، أي مرةً ومرةً، وليس المرادُ إيتاءً واحدًا، بل إيتاء مرتين.

الوجه السابع: أن الطلاق اسم مصدر طلَّقَ تطليقًا، ومعلومٌ أن التطليق فعلٌ يفعله المطلِّق بكلامه الذي يتكلم به، وهذا لا يُعقل أن يكون مرتين، إلاّ إذا قيل مرَّةً بعد مرّةٍ، فأما إذا طلَّقها بكلمة واحدةٍ فهذا لم يصدر منه الطلاقُ إلاّ مرةً واحدةً لا مرتين. وإن جاز أن يقال: إنه طلَّقها طلقتين، فلا يجوز أن يقال: إنه طلَّقها مرتين، ولا يُفهَم لفظ "طلَّقها مرتين" بدون تكرير التطليق.

يدلُّ على ذلك أن قوله "الطلاق مرتان" يدلُّ على ما يدلُّ عليه


(١) أخرجه البخاري (٩٤،٩٥،٦٢٤٤) عن أنس.
(٢) عطف على قوله "إما أن يريد به مرة ... " في أول الوجه السادس.
(٣) سورة الأحزاب: ٣١.