للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الأحوال العجيبة والموارد الغريبة، ما يعرفه من الرجال أهل المعرفة بهذا الحال.

فمنهم من يصعدُ في الهواء، ومنهم من يبقى راقصًا في الهواء، ومنهم من يصير ذاهبًا وجائيًا على الماء، ومنهم من يُؤتى بشراب يسقيه للفتى أو غيره من الجلساء، أو بزيت (١) فيوقد به المصباح بعد مقاربة الانطفاء. ومنهم من يخاطب بعض الحاضرين بلسان الأعجمي، ويكاشفه السرّ (٢) الخفي، وإذا أفاق لم يَدْر ما قال كالمصروع بالجني [ق ٧٧]. ومنهم من يشير إليه، ومنهم من يسلب بعضُ المنكرين عليه قلبه ولسانه حتى لا يستطيع قراءةً ولا دعاءً ولا ذكرًا، وقد يمسك لسانه فلا يستطيع أن يقول لا عُرفًا ولا نكرًا. ومنهم من يباشر النار بلا دهنٍ ولا حجرٍ طلق ولا غير ذلك من أمور الطبيعة، بل يبقى بالنار تتأجَّج في يديه وثيابه. ومنهم من يأتيه زعفران ولاذن من حيثُ لا يدري، وقد يأخذ بيده حصاةً فتُسْلَت من يده ويجعل مكانها سكَّرة، إلى أمثال هذه العجائب التي يطول وصفها، التي يظنها من لا يعرف حقيقةً وأنها من كرامات الأولياء الصالحين، وأنها دالة على ولاية صاحبها من الأدلة والبراهين.

وقد بُسط الكلام على هذه المسألة في غير هذا الموضع، لكن نذكر


(١) رسمها: «يرثر». والسياق يقتضي ما أثبت.
(٢) الأصل: «سر».