قيل: أراد: الطلاقُ الرجعي طلقتان، لم يستقم ذلك إذا جمعَها، فإن الرجعي حينئذ يكون طلقة واحدة، وطلقة بعد طلقة، وطلقتان مجموعتان، بخلاف ما إذا قيل "مرتان"، فنه لا يكون إلاّ مرة بعد مرة.
فن قيل: فإذا كان المراد أن الطلاق الرجعي مرتان عُلِمَ أن لنا طلاقًا رجعيًّا وطلاقًا غير رجعي، وذلك يتناول البائن والمحرّم، وهو الثلاث.
قيل: لفظ الطلاق إمّا أن يَعُمَّ كل طلاقٍ أو يعود إلى الطلاق المتقدم، وهو المعهود، وعلى التقديرين فنه يقتضي أن كل طلاق إنما يكون مرة بعد مرةِ، ولا يكون إلاّ رجعيا، فمن أثبت طلاقًا بكلمة توجب البينونةَ فقد خالفَ دلالةَ القرآن، فضلاً عن طلاقٍ واحدٍ يوجب التحريمَ.
الوجه الثاني عشر: أنه قال (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا)، وهذا لا يتأتى في جمع الثلاث.
الوجه الثالث عشر: أنه قال (وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً)، وقد رُوِي أن جمع الثلاث من اتخاذ آيات الله هزوا، كما رواه النسائي (١) من حديث ابن وهب أخبرني مخرمة عن أبيه سمعتُ محمود بن لبيد قال: أُخبِر رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن رجلٍ طلق امرأتَه ثلاث تطليقات جميعًا، فقام غضبان ثم قال: أَيُلعَب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟! حتى قام رجل فقال: يا رسول الله! أفلا أقتله؟
الوجه الرابع عشر: أنه قال (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ)، وهذه النعمة تظهر فيما إذا وقع للعبد أن