للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو أعلى المقامات، ويَظنُّ أن مَن كان هذا المشهد مقامه يسقط عنه الأمرُ والنهي. ويقول أحدهم: إنما يسقط عنه الأمر لأنه شهد الإرادة. ولا يعلم أن مُجرَّد توحيد الربوبية قد أقرّ به المشركون، كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت: ٦١].

وقال تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: ٨٤ - ٨٩].

وقال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:١٠٦].

قال ابن عباس: "إذا سألتهم مَن خلق السموات والأرض، فيقولون (١): الله، وهم يعبدون غيره" (٢).

فمن كان هذا التوحيد هو غاية توحيده انسلخ من دين الله وجميع رسله، ولم يتميَّز عنده أولياء الله من أعدائه، ولا أنبياؤه المرسلون من


(١) الأصل: "فيقولن".
(٢) أخرجه الطبري: (١٣/ ٣٧٣).