للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقراءة المعروفة عن السلف الموافِقة للمصحف تجوز القراءةُ بها بلا نزاع بين الأئمة، ولا فرق عند الأئمة بين قراءة أبي جعفر ويعقوب وخَلَف، وبين قراءة حمزة والكِسائي وأبي عَمْرو و [ابن أبي] (١) نعيم.

ولم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها: إن القراءة مختصَّة بالقرَّاء السبعة، فإن هؤلاء إنما جمع قراءاتِهم أبو بكر بن مجاهد (٢) بعد ثلاثمئة سنة من الهجرة، واتّبعه الناسُ على ذلك، وقَصَد أن ينتخب قراءة سبعة من قرَّاء الأمصار. ولم يقل هو ولا أحدٌ من الأئمة: إنَّ ما خرج عن هذه السبعة فهو باطل، ولا إن قولَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أُنْزِل القرآنُ على سبعة أحرف" (٣) أُريد به قراءة هؤلاء السبعة. ولكن هذه السبعة اشتهرت في أمصار لا يعرفون غيرَها كأرض المغرب، فأولئك لا يقرؤون بغيرها لعدم معرفتهم باشتهار غيرها (٤).


(١) الأصل و (ف): "ونعيم" والصواب ما أثبت. وهو: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي المدني المقرئ (ت ١٦٩) أحد القراء السبعة.
(٢) هو: أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد أبو بكر البغدادي، صاحب كتاب "السبعة". (ت ٣٢٤). ترجمته في "معرفة القراء": (١/ ٣٣٣ - ٣٣٧)، و"غاية النهاية": (١/ ١٣٩ - ١٤٢).
(٣) أخرجه البخاري (٢٤١٩)، ومسلم (٨١٨) من حديث عمر رضي الله عنه. وهو معدود في الأحاديث المتواترة، انظر "قطف الأزهار": (ص ١٦٣).
(٤) حتى قال ابن الجزري في "منجد المقرئين" (ص ٩٩): "بلغنا عنهم (أي بلاد المغرب والأندلس) أنهم يقرؤون بالسبع من طرق الرواة الأربعة عشر فقط، وربما يقرؤون ليعقوب الحضرمي، فلو رحل إليهم أحد من بلادنا لأسدى إليهم معروفًا عظيمًا".