للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان عطاء ونحوه يدخلون على ابن عباس مع العامة، وكان طاوس يدخل عليه مع الخاصة، وكذلك عكرمة مولاه كان من خاصَّته. فلهذا حَمَل من حَمَل قول ابن عباس على مثل فعل عمر، من أن هذا من العقوبات التي يجتهد فيها الأئمة، ليس شرعًا لازمًا، وهو عقوبة لمن لم يتقِ الله. ولهذا كان ابن عباس يقول لمن يُفتيه: لو اتقيتَ الله لجعلَ لك فرجًا ومخرجًا (١).

وأبو داود (٢) روى حديث حماد بن زيد عن أيوب عن غير واحدٍ عن طاوس أن رجلاً يقال له أبو الصهباء كان كثيرَ السؤال لابن عباس قال: أما علمتَ أن الرجلَ كان إذا طلَّق امرأته ثلاثًا قبلَ أن يدخل بها جعلوها واحدةً، على عهد رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وصدرًا من إمارة عمر، قال ابن عباس: بلى! كان الرجل إذا طفَق امرأته ثلاثًا قبلَ أن يدخل بها جعلوها واحدةً على عهد رسولِ الله وأبي بكر وصدرًا من إمارة عمر، فلما رأى - يعني عمر - الناسَ قد تتايَعُوا فيها قال: أُجِيزُهن عليهم.

ثم روى (٣) من حديث ابن عُليَّة عن أيوب عن عبد الله بن كثير عن مجاهدٍ قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال: إنه طلَّق امرأته ثلاثًا، قال: فسكت حتى ظننتُ أنه رادُّها إليه، ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة ثم يقول: يا ابن عباس يا ابن عباس! وإن الله تعالى قال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢)) (٤)، وإنك لم تتقِ الله فلا أجد لك مخرجًا، عصيت ربك، وبانت منك امرأتُك، وإن الله قال:


(١) أخرجه أبو داود (٢١٩٧).
(٢) برقم (٢١٩٩).
(٣) برقم (٢١٩٧)، وهي قبل رواية حماد بن زيد لا بعدها.
(٤) سورة الطلاق: ٢.