للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والظلمُ: وضعُ الشيء في غير موضعه.

وعلى قول الجهمية القدرية المجبرة ومن وافقهم: لا ينزَّه عن فعل شيء ممكن، والظلم هو الممتنع لذاته، وهو غير مقدورٍ له، فإنه إما التصرُّف في غير ملكه، وإما معصية من فوقه، وكلاهما ممتنعٌ في حقه.

وعلى قول القدرية النُّفاة من المعتزلة ومن وافقهم فما حَسُن منه حَسُن من عباده، وما قَبُح من عباده قَبُح منه، وما كان ظلمًا منهم كان ظلمًا منه، وهم مُشبّهة الأفعال.

وقد ألزمهم الناس بأنه يفعل ما يقبُح في (١) العقل، كتمكينه عباده وإمائه من الظلم والفواحش مع قدرته على المنع، واعتذروا عن ذلك بأنه (٢) عرَّضهم للثواب بالتكليف.

فأجاب الناسُ عن ذلك بأنه إذا عَلِم أنه إذا أمرهم ونهاهم لم ينتفعوا بذلك ولم يطيعوا، لم يكن الأمر حسنًا من العبد، بل يجب منعهم بالقهر، أو أنه لا يتملَّك مَنْ هذا سبيله (٣).

فكان قياس قولهم يقتضي أن الله يقبُح منه خلقهم وتكليفهم؛ ولهذا قال من قال من الأئمة: ناظِروا القدريّة بالعلم، فإن أقرّوا به خُصِموا، وإن


(١) الأصل: "من" ولعله ما أثبت.
(٢) الأصل: "فإنه" تحريف.
(٣) انظر "مجموع الفتاوى": (٨/ ٥٠٦)، و "منهاج السنة": (٣/ ٩١).