للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسواءٌ قُدِّر أنّ أفعالَ العباد مخلوقةٌ لله أو لم تكن، فإنّ كون العادل يستحقّ الإكرام، والظالم يستحقّ الذّمَّ والإهانة= أمرٌ فُطِر عليه بنو آدم، مع كونهم مفطورين (١) على أنَّ الله خالق كلِّ شيء؛ ولهذا كان جماهير الأمم من العرب وغيرهم مُقِرّين بهذا وهذا، وليس في فطرة أحد رفع الذم والعقاب عن الظالم مطلقًا، لكن فعلَه مخلوقٌ (٢) لله، والظلم: وضعُ الشيء في غير موضعه. فوضع العقاب على من لم يُسئ ظلمٌ، والحكمةُ: وضع الشيء في موضعه، والله لا يظلم أحدًا شيئًا، ولا يجزي أحدًا بظلم إلا بعمله.

وكونه خالقًا لأعمال العباد من كمال قدرته ومشيئته وربوبيته، وجزاؤه بعمله من كمال حكمته وعدله وربوبيته، وهو سبحانه له الملك وله الحمد، وله في ذلك من الحكمة البالغة ما لو جُمِعت عقولُ جميع العقلاء لم يدركوا غاية حكمته. وتوهّم المتوهِّم إمكان حصول كمال الحكمة بدون ذلك ظنٌّ منه، وكلامٌ بلا علم {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم:٢٨].

* * *

في آخر النسخة ما نصه: "قال كاتبه: إلى هاهنا وجدت في نسخة الأصل، فاعلم ذلك. والله أعلم".


(١) الأصل: "مفطورون".
(٢) الأصل: "مخلوقًا".