للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الزيارة البدعية: فمن جنس زيارة النصارى المشركين، مقصودها الإشراك [ق ٧٧] بالميت؛ مثل طلب الحوائج منه، أو التمسّح بقبره وتقبيله، أو السجود له ونحو ذلك. وهذا ونحوه لم يأمر الله به ولا رسوله، ولا استحبّه أحدٌ من أئمة المسلمين، ولا كان أحدٌ من السلف يفعله لا عند قبره (١) - صلى الله عليه وسلم - ولا عند غيره.

بل قد أجدبوا واستسقوا، ولم يكونوا يأتون إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعون عنده لا في ذلك الوقت ولا غيره. بل ثبت في "الصحيح" أنهم لما أجدبوا على عهد عمر رضي الله عنه استسقى بهم فقال: اللهم إنا إذا كنا أجدبنا توسّلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسَّلُ إليك بعمّ نبينا فاسقنا، فيُسقون (٢).

فكانوا في حياته يتوسّلون إلى الله عز وجل بدعائه وشفاعته، فلما مات - صلى الله عليه وسلم - بقوا يتوسلون بدعاء العباس.

ولم يكونوا يُقْسمون على الله بأحد من خلقه لا نبيّ ولا غيره، ولا يسألون ميتًا ولا غائبًا، ولا يستعينون بميت ولا غائب، سواء كان نبيًّا أو غير نبي. بل كان فضلاؤهم لا يسألون غير الله شيئًا؛ تحقيقًا لقوله:


(١) الأصل: "القبر".
(٢) تصحفت في الأصل إلى: "فسيقون". والحديث أخرجه البخاري (١٠١٠) من حديث أنس رضي الله عنه.