للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن كانوا هؤلاء الذين لم ينتهوا عن الربا، قد أمر الله بمحاربتهم، مع أن الربا مالٌ يؤخذ برضا المتعاقدين، فكيف بمن يستحلُّ دماءَ المسلمين وأموالَهم، وإفساد دينهم ودنياهم؟ فطاعتهم (١) ودين الإسلام لا يجتمعان.

ولما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم -[و] ارتدَّ مَن ارتدَّ قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله (٢) " فقال له أبو بكر: ألم يقل: "إلا بحقها" فإن الزكاة مِنْ حقِّها، والله لو منعوني عناقًا (٣) كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فما هو إلا أن رأيتُ أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعلمت أنه الحق (٤).

فقد قاتل الصحابة من كان مسلمًا لكونه لا يؤدي الزكاة، وقد ثبت في الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجهٍ أنه ذكر الخوارج فقال: "يحقر أحدُكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق


(١) العبارة في الأصل: "وطاعته" ولا يستقيم بها المعنى.
(٢) "إلا بحقها وحسابهم على الله" تكررت في الأصل.
(٣) علق في هامش الأصل: لعله عقالاً. أقول: وهو لفظ آخر للحديث.
(٤) أخرجه البخاري (١٣٩٩، ١٤٠٠)، ومسلم (٢٠) من حديث عمر رضي الله عنه.