مذهب أبي حنيفة وأحمد ــ في الرواية المشهورة عنه ــ يزوجها الوليّ الأبعد.
وإذا زوّجها الحاكمُ بالكفؤ الذي اختارته ثم زوّجها الأبُ الآخرَ بغير إذنها، فنكاح الأب باطل عند عامة العلماء، ونكاح الحاكم نافذ، ليس لحاكم آخر ولا للأب نقضُه، بل يجب تسليم المرأة إلى زوجها بمقتضى تزويج الحاكم لها من الكفؤ الذي عيّنته.
أما على مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين فظاهرٌ؛ لأن الولاية للحاكم. وأما على قول من يجعل الولاية لغيره، فلأنّ الحاكم إذا فعل ما يسوغ فيه الاجتهاد، كان فعله حُكمًا منه في محلّ الاجتهاد في أظهر قولي العلماء، وهو مذهب أبي حنيفة، وأظهر الوجهين في مذهب أحمد وغيره.
وفيه وجهٌ آخر في مذهب أحمد والشافعي: أنه إذا فَعَل مختَلَفًا [فيه] فهو كفعل غيره حتى يحكم هو أو حاكمٌ غيره بصحته، فلا يسوغ نقضه حينئذٍ بالاتفاق. فإذا قال الحاكم في مثل هذا: حكمتُ بصحة هذا النكاح، نفَذَ حكمُه باتفاق الأئمة، وكذلك إن لم يقل ذلك عند الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في الراجح من مذهبه. والله أعلم.