للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١٢٠) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة: ١٢٠، ١٢١]. فذكر في الآية الأولى أنه يكتب لهم بما تولد عن عملهم عملٌ صالحٌ، وذكر في الثانية أن نفس العمل والإنفاق يكتب لهم. ولهذا كان الصواب أن العمل المتولد ليس هو خارجًا عن فعل العبد وقدرته بكل حال، كما يقوله طائفة من متكلمي أهل الإثبات، ولا هو أيضًا فعلاً للعبد محضًا، كما يقوله المعتزلة، بل هو مشترك بين العبد الذي فعل سببه وبين السبب الخارج المعين على تمامه. فالعبد فاعل بعضه، ولهذا استحق الثواب والعقاب، قال تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: ٢٥]، وقال تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: ١٣].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من دَعَا إلى هُدًى كان له من الأجر مثلُ أجورِ من اتبعَه من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن دعا إلى ضلالةٍ كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعَه مِن غيرِ أن ينقص من أوزارهم شيء" (١). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُقتَل نفسٌ ظلمًا إلا كان على ابن آدم كِفْلٌ من ذنبها؛ لأنه أولُ


(١) أخرجه مسلم (٢٦٧٤) عن أبي هريرة.