للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكاية المناظرة في الواسطية]

الحمد لله رب العالمين. لما كان يومُ الاثنين ثامن رجب طلَبني نائبُ السلطان ــ أيَّده الله وسدَّده ــ بمحضرٍ من القضاة والمفتين والمشايخ، وسألني عن اعتقادي، فقلتُ له: الاعتقاد لا يُؤخذ عنّي ولا عمَّن هو أكبرُ مني، ولكن عن كتاب الله وسنةِ رسوله وإجماع سلف الأمة. فقال: أَمْلِ علينا اعتقادَك. فأمللتُ جوامعَ من الاعتقاد، ثم قلتُ: إن بعض الناس قد بلغني أنه يَكذِبُ في هذا الباب عليَّ ويقول: إنه يَكتُم بعضَ الأمر، فنحن نطلب العقيدة التي كتبتُها من نحو سبع سنين قبل مجيء التتر، كتبتُها لقاضٍ قَدِمَ علينا من واسط (١)، وكان قد ألحَّ عليَّ في ذلك، فأحلتُه على ما كتبه الأئمة من العقائد. فقال: أُحِبُّ أن تكتب أنت، فكتبتُ له هذه في قعدةٍ بعد العصر.

وأرسلتُ من أحضَرها، وقُرئتْ من أولها إلى آخرها، قرأها غيري كلمةً كلمةً (٢)، ووقع البحثُ والسؤال في مواضعَ منها.

وسألني نائب السلطان هل كتبتَ إلى مصر أو غيرها بعقيدة؟ فقلتُ له: لم أكتبْ قطُّ إلى أحدٍ بعقيدةٍ، ولم أكاتب أحدًا بها، إلّا أن ثمَّ مسائل أُسأَل عنها فأجيب، والنسخُ منها موجودة في دمشق ومصر وغيرها، لئلا


(١) ولذا سُميت «الواسطية»، ألفها سنة ٦٩٨. وهذا القاضي هو رضي الدين الواسطي الشافعي، كما في مجموع الفتاوى (٣/ ١٦٤).
(٢) زاد المؤلف هنا في أثناء السطر: «وكانت النسخ منها موجودة في مصر وغيرها، لئلا يقال: زاد فيها أو نقص». وستأتي بعد سطرين.