للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} [الفرقان: ٣١]، وقال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: ١١٢]، فلا يجزع ولا يُغاضب، فيحتاج أن يُبتلى بما يَصبِر عليه صبرَ المصائب. فإن ذا النون: {ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: ٨٧]، و {أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: ٤٠ - ٤٤]. والمسبِّح يتناول من كان مسبِّحًا قبل ذلك، ومن كان مسبِّحًا في بطن الحوت.

{فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [الصافات: ١٤٥ - ١٤٨]. وهذا من أعظم البلوى، وهو - صلى الله عليه وسلم - صبر على ما أصابه لما ألقي في بطن الحوت، ودعا ربَّه واعترفَ بذنبه فقال: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧]، قال الله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: ٨٨]. وقد ثبت في الصحيحين (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما ينبغي لعبدٍ أن يقول: أنا خيرٌ من يونس بن متى»، و «من قال: أنا خير من يونس بن متّى فقد كذب» (٢).


(١) البخاري (٣٤١٣) ومسلم (٢٣٧٧) عن ابن عباس.
(٢) أخرجه البخاري (٤٦٠٤) عن أبي هريرة.