هي أعمالكم أُحصِيها لكم، ثمّ أُوفّيْكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلُومَنَّ إلا نفسَه».
وقد قال تعالى في وصف النبي الأمي:{يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}[الأعراف: ١٥٧]. وقال تعالى لما ذكر الوضوء:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[المائدة: ٦]. فأخبر أنه لا يريد أن يجعل علينا من حرج فيما أمرنا به، وهذا نكرةٌ مؤكَّدةٌ بحرف «من»، فهي تَنفِي كلَّ حرج، وأخبر أنه إنما يريد تطهيرَنا وإتمامَ نعمتِه علينا.
وقال في الآية الأخرى:{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}[الحج: ٧٨]. فقد أخبر أنه ما جعل علينا في الدنيا من حرج نفيًا عامًّا مؤكَّدًا.
فمن اعتقد أن فيما أمر الله به مثقال ذرَّةٍ من حرجٍ فقد كذَّب الله ورسوله، فكيف بمن اعتقد أن المأمور به قد يكون فسادًا وضررًا لا منفعةَ فيه ولا مصلحةَ لنا. ولهذا لما لم يكن فيما أمر الله به ورسوله حرجٌ علينا لم يكن الحرج في ذلك إلا من النفاق، كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا