بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} [النساء: ٦١ - ٦٢]. أي هؤلاء لم يقصدوا ما فعلوه من العدول عن طاعة الله ورسوله إلى اتباع ما اتبعوه من الطاغوت، إلا لِما ظنُّوه من جلب المنفعة لهم ودَفْعِ المضرَّة عنهم، مثل طلب علمٍ وتحقيقٍ كما يُوجَد في صنف المتكلمين، ومثل طلب أذواقٍ ومواجيدَ كما يُوجَد في صنف المتعبدين، ومثل طلب شهواتٍ ظاهرة وباطنةٍ كما يُوجَد في صنف الذين يريدون العلوَّ والذين يتبعون شهواتِ الغيِّ. قال تعالى:{وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}[النساء: ٦٠]. أي ضلُّوا عن مطلوبهم الذي هو جلب المنفعة ودفع المضرة، فإن ذلك إنما هو في طاعة الله ورسوله دون اتباع الطاغوت. فإذا عاقبهم الله بنقيض مقصودهم في الدنيا، فأصابتهم مصيبةٌ بما قدَّمت أيديهم قالوا: ما أردنا بما فعلنا إلا إحسانًا وتوفيقًا. أي أردنا الإحسانَ إلى نفوسنا لا ظُلْمَها، وتوفيقًا أي جمعًا بين هذا وهذا، لنجمعَ الحقائقَ والمصالحَ. قال تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ}[النساء: ٦٣] من الاعتقادات الفاسدة والإرادات الفاسدة: الظنّ وما تهوى الأنفسُ {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا}[النساء: ٦٣].