كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} إلى قوله:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ}. والتوبة تتناول المسلم العاصي كما تتناول الكافر، ولا خلاف أنه لو عامله بربا يحرم بالإجماع لم يقبض منه شيئًا، ثم تاب، أن له رأس ماله، فالآية تناولته، وقد قال فيها:{اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا}، ولم يأمر بردّ المقبوض، بل قال قبل ذلك:{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ}.
وهذا وإن كان ملعونًا على ما أكله وأوكله، فإذا تاب غُفِر له. ثم المقبوض قد يكون اتّجر فيه وتقلب، وقد يكون أَكَلَه ولم يبقَ منه شيء، وقد يكون باقيًا، فإن كان قد ذهب وجعل دينًا عليه كان في ذلك ضرر عظيم، وكان هذا منفِّرًا عن التوبة، وهذا الغريم يكفيه إحسانًا إليه إسقاطُه ما بقي في ذمته وهو برضاه أعطاه، وكلاهما ملعون.
ولو فُرِض أن رجلًا أمر رجلًا بإتلافِ مالِه وأتلفَه لم يَضمنْه وإن كانا ظالمين، وكذلك إذا قال: اقتل عبدي. هذا هو الصحيح، وهو المنصوص عن أحمد وغيره. فكذلك هذا هو سلط ذاك على أكل هذا المال برضاه، فلا وجهَ لتضمينه وإن كانا آثمين، كما لو أتلفه بفعله، إذ لا فرقَ بين أن يتلفه بأكله أو بإحراقه، بل أكلُه خير من إحراقه، فإن لم يضمنه في هذا بطريق الأولى.
وأيضًا فكثير من العلماء يقولون: إن السارق لا يغرم؛ لئلا يجتمع عليه عقوبتان من أن الحد حقٌّ لله والمال حقٌّ لآدمي. وهذا أولى، لئلا