للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصحاب مالك وأحمد وغيرهما يبطلون هذا التعليل من وجهين: من جهة منع الوصف، ومنع التأثير.

أما الوصف فيقولون: لا نُسلِّم أن كل مبيع قبل قبضه يكون مضمونًا على البائع، بل هذا خلاف السنة الثابتة، فقد قال ابن عمر: مضت السنةُ أن ما أدركتْه الصفقةُ حيًّا مجموعًا فضمانُه على المشتري (١). وهذا هو الحق، فإن المشتري قد ملكه وزيادته له، والخراج بالضمان، فإذا كان خراجه له كان ضمانه عليه، لكن إذا أمكنه البائع من قبضه ولم يقبضه. فإذا لم يمكنه كان البائع غير فاعلٍ ما أوجبه العقد، إما لظلمه وإما لكونه لم يتمكن من قبض الثمن، فيكون العقد لم يتم بعد، فيكون من ضمان البائع.

وأما منع التأثير فهَبْ أنه يتوالى فيه الضمانانِ، فأيُّ محذور في هذا حتى يكون موجبًا للنهي؟ ولو اشتراه مئة واحدٍ من واحد رجع كل واحدٍ على الآخر بما قبّضه إياه من الثمن، ولو ظهر المبيع مستحقًّا لرجعوا بذلك. وفي الشِّقْص المشفوع لو تابعه عشرةٌ ثم أخذه الشفيع من المشتري الأول رجع كل واحدٍ بما أعطاه.

ومن علَّل بوصفٍ فعليه أن يبيّن تأثير ذلك الوصف، إما لكون الشرع جعل مثله مقتضيًا للحكم، وإما لمناسبة تقتضي ترتيب الحكم


(١) علَّقه البخاري (٤/ ٣٥١) عن ابن عمر. ووصله الدارقطني في سننه (٣/ ٥٣، ٥٤).