للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيره؛ لأن المحذور إنما يقع إذا كان هناك ربح، ولا ربح في التولية والشركة. وكذلك يجوز بيعُه من بائعه؛ لأنه لا محذور فيه، وقد قال ابن عباس: لا أحسب كلَّ شيءٍ إلا بمنزلة الطعام (١)، ورَوى أنه نُهي عن بيع ما لم يقبض (٢). ولا ريب أن الضرر يقع في الطعام أكثر، ويقع أيضًا في غيره، فلا ينبغي أن يباع شيء حتى يقبض، وإن كان مضمونًا على المشتري كالصُّبرة من الطعام، وقد يكون مضمونًا على البائع ويجوز بيعه، كالتمر إذا بدا صلاحُه ولم يتم، فكونه مضمونًا على هذا أو على هذا غير ملازمٍ لجواز بيعه والتصرف فيه.

وهذه طريقة الخِرقي وغيره، وهي أصح الطرق، فالصُّبرة من الطعام قد ثبت عن ابن عمر أنه من ضمان المشتري، وأنهم كانوا يُنهَون عن بيعها حتى ينقلوها (٣)، والثمر على الشجر قد ثبت أنه من ضمان البائع حتى يكمل صلاحه، لأن المشتري لم يتمكن من جداده. ومع هذا فالصحيح أنه يجوز بيعه؛ لأن قبضه غير ممكن إلا بالتخلية، وقد خُلِّي بينه وبينه، كالعقار إذا خلّي بينه وبينه، وكمال الصلاح إلى الله لا إلى الناس. ولأنه في هذه الحالة كالمنفعة في الإجارة قُبِضتْ من وجهٍ دون وجهٍ، قُبِضَت العينُ وما استوفيت المنفعة. كذلك هنا خُلّي بينه وبينه بحيث لو أراد المشتري أن يأخذه حِصْرِمًا وبَلَحًا كان له ذلك.


(١) أخرجه البخاري (٢١٣٥) ومسلم (١٥٢٥).
(٢) ضمن الحديث السابق.
(٣) سبق تخريجه.