للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتوهّم أنْ تكون العشر لغير مواعدة، فلمّا أدخلها في الميقات علم أنَّ المواعدة تناولتها كما تناولت الثلاثين، والتّمام وإنْ أشعر بها فليس في الصراحة كقوله: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}.

وأحسن من هذا أنْ يقال: إنَّ الله سبحانه وتعالى واعده ووقَّت له للميعاد ثلاثين ليلة، ثم أخبر أنَّه أتمَّها بعشرٍ، فلا يُدْرَى انقضى أجل الميقات عند انتهاء الثلاثين، وكانت العشر تمامًا، أي زيادة بعد انقضاء أجل الميقات، [أو] إنّما كان انقضاؤه عند تمام الأربعين، وأنَّ الإتمام بعشرة هو زيادة في الأجل. فلمّا قال: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} علمنا أنَّ العشر دخلت في الأجل، فصارت جزءًا منه.

وهذا كما تقول: اشتريت هذه السلعة من فلانٍ بتسعين، وأتممتها له مائة، فلا يُدْرَى هل أتممت الثمن بالعشرة، أو أتممتها بعد استيفاء الثمن، فإذا قلت: فتمّ له ثمن المبيع مائة، علمنا أنَّ العشرةَ صارت جزءًا من الثمن، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وأمَّا قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨]، ففيه فائدةٌ زائدةٌ، وهي أنَّ الطيران قد يستعمل في الخفَّة وشدَّة الإسراع في الشيء، منه قول الشاعر:

فَطِرْنَا إلى الهَامَاتِ بالبيضِ والقَنَا (١)


(١) شطر بيت لم أعرف تمامه وقائله.