وأمَّا قوله سبحانه وتعالى:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}[يونس: ٩٩]، فكلهم يفيد الإحاطة والعموم، ولا يلزم من قوله:{لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ} أنْ يكونوا كلهم، قال وذلك على الأكثر منهم، فكلهم رافع لهذا التوهم.
وأما قوله سبحانه:{جَمِيعًا}، فليس بتأكيد، ولو كان تأكيدًا لقال: أجمعون، ولم يكن منصوبًا، وإنما هو حال، أي: مجتمعون على الهدى، كما قال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى}[الأنعام: ٣٥].
ومثله قوله تعالى:{أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا}[الرعد: ٣١]، ولو كان «جميعًا» هنا تأكيدًا لقال: أجمعين.
وأما قوله تعالى:{فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ}[الحجر: ٣٠، وص: ٧٣]، فالكلام في كلهم كما في {لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ}[يونس: ٩٩].
وأما أجمعون فقد قالت طائفة منهم الزمخشري وغيره: أنه يفيد معنًى زائدًا غير ما يفيده كلهم، وهو أنَّ سجودهم وقع في وقتٍ واحدٍ، فاجتمعوا في السجود ولم يتخلف منهم أحد، فهما فائدتان.