للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول القائل: «أنا لا أتقيد بأحد هذه المذاهب الأربعة» إذا أراد بذلك أي: لا أتقيَّدُ بواحدٍ بعينِه دون الباقين، فقد أحسن في هذا الكلام، بل هذا هو الصواب. وإذا أراد: أني لا أتقيد بها كلِّها بل أخالفُها، فهذا هو مخطئٌ في الغالب قطعًا، إذ الحق لا يخرج عن هذه المذاهب الأربعة في عامة الشريعة، ولكن تنازع العلماء: هل يخرج عنها في بعض المسائل؟ على قولين، كما قد بُسِط ذلك في غير هذا الموضع.

وكثيرًا ما يترجح قولٌ من الأقوال، ويظن الظانُّ أنه خارج عنها، ويكون داخلًا فيها، فيكون كلٌّ من القائلين معذورًا باعتبار نظره. لكن لا ريبَ أن الله لم يأمر الأمّة (١) باتباع أربعة أشخاص دون غيرهم، هذا لا يقوله عالم، وإنما هذا كما يقال: أحاديث البخاري ومسلم، فإن الأحاديث التي رواها الشيخان وصححاها قد صححها من الأئمة ما شاء الله، بل جمهورها اتفق أهل العلم بالحديث على صحته، فإخراجها لذلك دليلٌ على أنه قد صححه أئمة الحديث، لا أنه مجرد قول شخصٍ يُفيد العلم بصحة الحديث. فهكذا عامة ما يوجد (٢) من أقوال الصحابة والتابعين أو أكثر ذلك يوجد في مذاهب الأربعة.

وأما من عُرِض عليه فأنكره، وقال: «لو كان (٣).


(١) في الأصل: الأئمة.
(٢) في الأصل: يجد.
(٣) ها هنا انتهى الموجود من هذه الفتوى في الأصل.