للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يقول أحدهم لمن يراه: "أنا الخَضِر"، أو "أنا من الأبدال"، أو "أنا من الأربعين التي في جبال لبنان"، وليس في جبل لبنان أحدٌ من الإنس يغيبُ عن الناس، والخَضِر عليه السلام مات، وإنما ذلك شيطانٌ من الجنِّ يقترنُ بمن خالف الكتابَ والسُّنَّة (١).

ومن الناس من يكونُ صالحًا وليًّا لله، ويكونُ حالُه غائبًا عن عامة الناس.

نعم، يكونُ نورُ قلبه وهدى فؤاده وما فيه من أسرار الله وأمانته وأنواره ومعرفته غيبًا عن الناس، ويكونُ صلاحُه وولايتُه غيبًا عن أكثر الناس، وأسرار الله بينه وبين أوليائه، وأكثر الناس لا يعلمون، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رُبَّ أشعث، أغبر، ذي طِمْرَين، مدفوعٍ بالأبواب، لو أقسَم على الله لأبرَّه" (٢).

فأما أن يكون رجلٌ يغيبُ جسدُه عن أبصار الناس دائمًا، فهذا لا حقيقة له، وإن كان قد يغيبُ عن أبصار الناس بعض الأحيان، إما لدفع عدوٍّ عنه، وإما لغير ذلك، وذلك قد يكونُ لأولياء الله، وقد يكونُ للسَّحرة، لكن لا تدومُ الغَيبة (٣).


(١) انظر: "الإخنائية" (٢٨٧، ٤٢٣)، و"منهاج السنة" (٣/ ٣٧٩)، و"مجموع الفتاوى" (١/ ٣٦٢، ١١/ ٢٩٤، ١٣/ ٧١، ٧٨، ٢١٧، ١٧/ ٤٦٥، ٢٧/ ١٧، ٥٠)، و"جامع المسائل" (١/ ٨١).
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٢٢، ٢٨٥٤) بنحوه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (١١/ ٤٤٣، ٢٧/ ٥٨).