للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِمَا (١) به بَطَل التأثيرُ في ذات الفعل؛ إذ لا فرق بين إضافة الانفراد بالتأثير إلى غير الله سبحانه في ذرَّةٍ أو فِيلٍ، وهل هو إلا شركٌ دون شرك؟! وإن كان قائلُو هذه المقالة ما نَحَوا إلا نحوَ الحق.

وإن أريد بالتأثير أن خروج الفعل من العدم إلى الوجود كان بتوسُّط القدرة المُحْدَثة، بمعنى أن القدرة المخلوقة هي سببٌ وواسطةٌ فيه (٢)، خلَق الله سبحانه الفعلَ بهذه القدرة، كما خلَق النباتَ بالماء، وكما خلَق الغيثَ بالسَّحاب، وكما خلَق جميعَ المسبَّبات والمخلوقات بأواسِط (٣) وأسباب = فهذا حقٌّ، وهذا شأنُ جميع الأسباب والمسبَّبات. وليس إضافة التأثير بهذا التفسير إلى قدرة العبد شركًا، وإلا فيكون إثباتُ جميع الأسباب شركًا.

وقد قال الحكيم الخبير: {فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [الأعراف: ٥٧]، {فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ} [النمل: ٦٠]، وقال سبحانه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} [التوبة: ١٤]؛ فبيَّن أنه هو


(١) (ف): "بما". وكلاهما محتمل.
(٢) (ف): "في".
(٣) كذا في الأصل، بمعنى الأسباب، وهي قليلة الاستعمال، وممن التزمها أبو طالب في "قوت القلوب". وتأتي بمعنى: الأدلة والحجج، كما في تعريفات الجرجاني (٣٩)، وفسرها بذلك ابن تيمية في "الرد على المنطقيين" (١٩٢، ١٩٣)، ولم يصب المعلق عليه في شرحها. ووقعت في (ف): "بوسائط"، على الجادة. وسترد بعد قليل بالمعنى ذاته بلفظ: أوساط، وهو استعمالٌ أندر من الأول. انظر: "البحر المحيط" للزركشي (١/ ٤٢٧).