للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعقول من الكتاب والسنة أنه إذا كان إنما لم يقع به الطلاق لأنه منكر من القول وزور، فكل قولٍ هو منكر أو زور لا يقع به طلاقٌ، والطلاق المحرم منكرٌ من القول، لأنه محرَّم، وكل محرَّم منكر، وكونُه منكرًا يوجب أن لا يترتب أثره عليه.

وقد يقال: هو زور، لكونه اعتقد أنه يملك إيقاعَه، وهو كاذب في هذا الاعتقاد، فإنّ الله لم يُملّك أحدًا ما هو محرَّم، فكل قولٍ أو فعلٍ محرم فإن الله نهى عنه، ولم يأذن فيه، ولم يجعل العبد مالكًا له.

والظهار لما كان محرمًا لم يملك أحد أن يظاهر، ولم يُبحْه، وإذا ظاهر لم يترتب على الظهار موجبه، وهو التحريم الموجب لزوال الملك ووقوع الطلاق، كما كانوا عليه في الجاهلية، بل جعل عليه كفارةً إذا اختار بقاءَ امرأتِه ووطئها، لكونه حرَّمها، وهو قد فرضَ التَّحِلَّةَ، وإن اختار أن يفارقها ويطلّقها فقد أنشأ طلاقًا شرعيًّا مباحًا، وذلك له، ولا كفارة عليه، بل عليه أن يستغفر الله من الظهار، فإنه ذنب.

والكفارة لا تجب بكل ذنب، كما لو حرَّم الحلال بيمين أو غير يمين فإنه منهيٌّ عن ذلك بقوله: (لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ) (١)، وقوله: (لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) (٢)، ومع هذا فلا كفارة عليه إلا إذا عاد فاستحل ما حرَّمه، دون ما إذا اجتنبه، وذلك أنه إذا اجتنبه وطلَّق المرأة، ففي هذا من الحرج والضرر عليه ما يشبه جزاء ذلك الذنب، فلابدّ من التكفير أو اجتناب ما حرَّمه، وهو في المرأة بطلاقها،


(١) سورة المائدة: ٨٧.
(٢) سورة التحريم: ١.