للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يكونان من باب الاعتقاد والظنِّ، كما يقال: أخاف أن لا يُقْبَل، وأرجو أن يُتقبَّل مني، وأرجو أن لا يأمره بهذا، وأرجو أن لا يكون فلانٌ مؤمنًا، وأخافُ أن يكون عدوًّا.

وفي الجملة، فالرجاء والخوف متضمِّنٌ (١) للتجويز في الاعتقاد الذي يكونُ ظنًّا وأقوى وأضعف، وللمحبة والبغض التابع لذلك الاعتقاد، فهو مشتملٌ على جنس الظنِّ والإرادة معًا (٢).

ولهذا قال: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا} [المائدة: ٢]، وقال: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: ٢٩]، وكذلك قوله تعالى: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: ٢٨]، وقوله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: ٩]، وقوله تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} [الليل: ١٩ - ٢٠]، وقوله تعالى: { ... مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: ١٥٢].

وكذلك ما في القرآن من المسألة والدعاء، ومن التوكُّل على الله والاستعانة به، وكلُّ ذلك متضمِّنٌ للرجاء.

وقد ذمَّ الله تعالى من لا يرجو رحمة الله، فقال: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا


(١) الأصل: "يتضمن". والمثبت أولى بالصواب. والإفراد من باب الحمل على المعنى، وهو سائغٌ في العربية، ومألوفٌ في أسلوب المصنف.
(٢) انظر: "جامع المسائل" (٨/ ٩٠)، و"درء التعارض" (٦/ ٤٧).