للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتي مِن عنده أعلى مراتبها أن يكون خليلًا له، وهو الكاملُ في محبَّته، التي تخلَّلت محبَّتُه كلَّه (١)، كما قيل:

قد تخلَّلتَ مَسْلَكَ الرُّوح مني ... وبذا سُمِّيَ الخليلُ خليلا (٢)

فيبذلُ له ما ينفعُه، ويَدفعُ عنه ما يضرُّه، بلا عِوَض.

فنفى سبحانه أن يكون هناك خُلَّة (٣)، وهو تنبيهٌ على انتفاء ما سواها بالعموم بالفحوى.

ونفى في الأخرى (٤) بصيغة العموم اللفظي، فقال: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}، وهو في معنى قوله: {وَلَا خُلَّةٌ}، فهذا الباذِلُ من عنده. والطالبُ من غيره وهو الشفيع، فقال: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ}، وقال: {وَلَا شَفَاعَةٌ}.

فالآيتان سواء، وهما جامعتان للأنواع نوعًا نوعًا.


(١) كذا في الأصل. وانظر: "منهاج السنة" (٥/ ٣٥١)، و"مجموع الفتاوى" (١٠/ ٦٧، ٢٠٣).
(٢) البيت لأبي بكر الشبلي في "عَطف الألِف المألوف" للديلمي (٤٢). ولبشار في "أدب الدنيا والدين" (١٦١)، وتفسير القرطبي (٥/ ٤٠٠) وغيرهما، وجزم بصحة نسبته الطاهر بن عاشور في ملحقات ديوانه (٤/ ١٣٩). وللبحتري في إحدى نسخ ديوانه (١٩١٢). وبلا نسبة في "معاني الأخبار" للكلاباذي (٢٧٦)، و"المنتخل" (٨٠١)، و"الدر الفريد" (٤/ ٣٠٠)، ومصادر كثيرة.
(٣) آية البقرة: ٢٥٤.
(٤) آية البقرة: ٤٨.