وهذا قول ضعيف، والجمهور على أنه يحكم عليه ثانيًا وثالثًا، ومن قال: لا يحكم عليه ثانيًا، قال: لأنه قد تاب من الأول، وعفي عنه بالجزاء. ولم يقل أحد: إن أول مرّةٍ لا حكمَ فيه، كما قيل مثل ذلك في الظهار.
وأما إذا تكلم المرتد بالكفر مرة أو مرتين أو ثلاثًا، فإنه يوجب تغليظ الردّة، وهو كالكافر الأصلي، إذا تكلّم بالكفر مرةً بعد مرة لا يقال: إن الأول لا حكم له، وإنما الحكم إذا كرره.
وكذلك القاذف إذا قذف مرةً بعد مرة، فالقذف الأول موجبٌ للحدّ، ولكن قد يتنازعون في الثاني هل يدخل في الأول؟ وباب التداخل إذا كان الجميع حقًّا لله، وهي من جنس واحدٍ دخلَ بعضها في بعض، كما لو زنى ثم زنى، أو سرق ثم سرق، ولم يُعاقَب على الأول، فإنه إنما يُقام عليه حدٌّ واحد، لأن الحدّ مشروع في جنس هذا الفعل، فقليله وكثيره في الحد سواءٌ جعل الشارع القطع حدًّا لمن سرق النصابَ أو أضعافَ النصاب. وكذلك حدّ الزنا لمن أولجَ مرةً أو مرَّاتٍ.
وأما الشرب فقد قيل: إنه من هذا الباب، وليس كذلك؛ فإن حدّه غير مقدّر، بل من شرب كثيرًا ومرَّاتٍ فإنه يُزاد في عقوبته بحسب الاجتهاد. وهذا بناء على أن الأربعين الزائدة على الأربعين يفعلها الإمام تعزيرًا بحسب الاجتهاد، كما يقوله الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين (١).