للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر قصة الشِّعْب، قال: "ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك يدعو قومه ليلًا ونهارًا، وسرًّا وجهارًا، مُبادِيًا بأمر الله، لا يتَّقي فيه أحدًا من الناس.

فجعلت قريشٌ حين منعه الله تعالى منها، وقام عمُّه وقومُه من بني هاشمٍ وبني المطلب دونه، وحالوا بينهم وبين ما أرادوا من البطش به = يهمزونه، ويستهزؤون به، ويخاصمونه.

وجعل القرآنُ ينزل في قريشٍ بأحداثهم (١)، وفي من نصَب لعداوته، منهم من سُمِّي لنا، ومنهم من نزل فيه القرآنُ في عامَّة من ذكَر الله من الكفَّار.

فكان ممن سُمِّي لنا من قريشٍ ممن نزل فيه القرآن (٢): عمُّه أبو لهب بن عبد المطلب، وامرأته أمُّ جميلٍ بنتُ حرب بن أمية، حمَّالةُ الحطب، وإنما سمَّاها الله: "حمَّالة الحطب" لأنها كانت ــ فيما بلغني (٣) ــ تحملُ الشَّوكَ فتطرحُه على طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث يمرُّ، فأنزل الله فيها: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} " (٤).


(١) كذا في الأصل وعامة المصادر. أي: بأفعالهم. ووقع استعمالها بهذا المعنى في مواضع أخرى من السيرة. انظر: (٢/ ١٨٢, ١٨٤).
(٢) في طرة الأصل: "في مغازي الأموي: ممن كان يؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم - , ويستهزئ به, ويخاصمه".
(٣) الأصل "يبلغني". والمثبت من "السيرة" وعامة المصادر, وهو المعهود من كلام ابن إسحاق.
(٤) "السيرة" لابن هشام (١/ ٣٨٠).