للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن كان يجوز أو يجبُ ما يُمَيَّز به بين السِّحر وغيره، كما أن المسلم يميِّز بين الخمر والفاحشة وبين ما ليس كذلك من غير احتياجٍ إلى مباشرة ذلك وذَوْقِه.

فالكلام الذي هو محرَّم، والعمل الذي هو محرَّم، يُعْرَف؛ ليميَّز به بينه وبين غيره. وذلك بخلاف معرفته المفصَّلة لمن يعتقده أو يعمل به.

وذلك كما أن المسلم يَعْلَمُ مقالات اليهود والنصارى والمشركين (١) معرفةً مقرونةً بذمِّها، والنهي عنها، وبيان بطلانها. وذلك بخلاف تعلُّم ذلك وتعليمه لمن يعتقده ويعمل به.

ومن دخل في السِّحر أو في غيره من المقالات الكفرية، متعلِّمًا أو معلِّمًا، على وجه الاعتقاد أو العمل بها، فهو كافر؛ قال تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: ١٠٢].

ويجبُ قتلُ الساحر والكاهن (٢)، كما قد نصَّ على ذلك جماهير أئمَّة الإسلام (٣)، وذلك ثابتٌ باتفاق الصَّحابة، كعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن عمر، وحفصة بنت عمر، وجندب بن عبد الله البجلي (٤).

ولم يختلف في ذلك الصَّحابة، بل ثبت أن عمر - رضي الله عنه - كتب إلى نوَّابه


(١) الأصل: "المشركين" بلا حرف عطف، والمثبت أشبه.
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٣٤٦، ٢٩/ ٣٨٤).
(٣) انظر: "الإشراف" لابن المنذر (٨/ ٢٤١)، و"المغني" (١٢/ ٣٠٢).
(٤) انظر: "المصنف" لعبد الرزاق (١٠/ ١٧٩)، وابن أبي شيبة (١٤/ ٥٩١).