للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على دنيا حصلت بالإيمان.

قال الله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} إلى قوله:

{وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: ٥٢ - ٥٣].

فأولئك المستضعفون عرفوا قدرَ النعمة بالإيمان والقرآن، وأما أولئك الملأ فكان ذلك عندهم ضررًا وشرًّا، يُبغِضونه ولا يحبُّونه، فكيف يُتَصَوَّر أن يَشْكُروا على ما هو عندهم من المكروهات المذمومات التي لا يَدْخُل فيها إلا جاهلٌ ضالٌّ؟!

ولهذا قال الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: ٢٨]، قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "هم الأفجَران (١) من قريش: بني عبد مناف (٢)، وبني مخزوم" (٣).

والآية تتناول هؤلاء وغيرهم من الذين بدَّلوا نعمةَ الله - وهي محمدٌ ــ والقرآنَ كفرًا، فجعلوا هذه النعمة التي هي من أعظم النعم مصيبةً على من دخل فيها أعظمَ المصائب، وكان شرُّ الناس عندهم من تابعَ محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، يسعون في قتله وحبسه، أو نفيه وهجره، أو منعه ما يحتاجُ إليه، يمنعون نفعَه بكلِّ طريق، ويوصلون إليه الضرر بكلِّ طريق؛ لظنِّهم أنه دخل فيما يضرُّهم


(١) الأصل: "الأحزاب". تحريف.
(٢) كذا في الأصل، وهو وهمٌ أو سبق قلم. والصواب: بني أمية، كما في المصادر التالية.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (١/ ٣٤٢، ٢/ ٢٤٢)، وابن جرير (١٣/ ٦٧٠، ٦٧٣، ٦٧٥)، وغيرهما. انظر: "الدر المنثور" (٨/ ٥٤٧ - ٥٤٩).