للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلَّمهم ما جهلوا، وذكَّرهم ما نَسُوا، وقوَّى قلوبَهم، وأمرهم بالجهاد،

فثبَّت الله عزَّ وجلَّ به الإيمان، حتى أدخل أهل الردَّة من الباب الذي خرجوا منه (١).

* وأما أهل مكة، فأراد من أراد منهم أن يرتدَّ، فقام فيهم سهيلُ بن عمرو خطيبًا بنحوٍ من خطبة أبي بكر الصِّدِّيق بالمدينة، قال: "من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت"، ثم تلا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (٢).

والشاكرون هو وأتباعه الذين ثبتوا على الإيمان، المجاهدون عليه إلى يوم القيامة، كما قال تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} الآية [المائدة: ٥٤]، وهؤلاء هم الذين قاتلَ بهم الصِّدِّيقُ المرتدِّين من الكفَّار، كأهل اليمن، مثل أبي موسى الأشعري وقومه الأشعريِّين الذين قال فيهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "هم مني وأنا منهم" (٣).

* وأما أهل الطائف، فأراد من أراد منهم الردَّة، فقام فيهم عثمان بن أبي العاص ــ وهو إمامهم وأميرهم ــ فنهاهم عن ذلك، فقال: "كنتم آخر الناس إسلامًا، وتكونون أوَّلهم ردَّة؟! اثبتوا، فإن أقام الله الإسلام كنتم على دينكم،


(١) انظر: "منهاج السنة" (٧/ ٤٧٨).
(٢) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٦/ ١٢٢)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٦/ ٣٦٧).
(٣) أخرجه البخاري (٢٤٨٦)، ومسلم (٢٥٠٠) من حديث أبي موسى - رضي الله عنه -.