للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حسب دينه، فإن كان في دينه صلابةٌ زيد في بلائه، وإن كان في دينه رخاوةٌ خُفِّفَ عنه، ولا يزال البلاءُ بالمؤمن حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة" (١).

وفي الحديث: "من يرد الله به خيرًا يُصِبْ منه" (٢).

وفي الحديث أن ابن مسعودٍ قال للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إنك لتُوعَكُ وعكًا شديدًا، قال: "أجل، أوعَك كما يوعَك رجلان منكم، لأن لي الأجر مرتين" (٣).

فهذه النصوص وأمثالُها تبيِّن أن نفس البلاء يكفِّر الله به الخطايا، ومعلومٌ أن هذا من أعظم النعم.

ولو كان الرجلُ من أفجَر الناس فإنه لا بدَّ أن يخفِّف الله عذابه بمصائبه، ولو قُدِّر كافرًا، فإذا كان الكافران سواءً في الكفر، وابتُلِي أحدُهما في الدنيا بمصائب، كان عقابُه في الآخرة دون عقوبة الذي لم يُعاقَب في الدنيا، مثل فرعون، فإنه من أشدِّ الناس عذابًا في الآخرة، إذ كان لم يُبْتَل في الدنيا.

فالمصائبُ رحمةٌ ونعمةٌ في حقِّ عموم الخلق، اللهم إلا أن يَدْخُل صاحبُها بسببها في معاصي أعظمَ مما كان قبل ذلك، فتكون شرًّا عليه من جهة ما أصابه في دينه.

فإن من الناس من إذا ابتُلِي بفقرٍ، أو مرضٍ، أو جوع، حصل له من الجزع، والسَّخط، والنفاق، ومرض القلب، أو الكفر الظاهر، أو ترك بعض


(١) أخرجه أحمد (١٤٨١)، وابن ماجه (٤٠٢٣) وغيرهما من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، وصححه الترمذي (٢٣٩٨)، وابن حبان (٢٩٠٠).
(٢) أخرجه البخاري (٥٦٤٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه البخاري (٥٦٤٨)، ومسلم (٢٥٧١) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.