للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشِّبَع لا فاعلٌ للشِّبَع، ولم يحصُل الشِّبَعُ بدون أكله.

وكذلك هدى المهتدين، وضلال الضالين، حصل بسبب الدُّعاة، وبسبب استجابة المدعوِّين (١)، وكلاهما أثَّر في حصول الهدى والضلال.

وهذا بناءً على ثبوت الأسباب في المخلوقات، وأن الله سبحانه يخلقُ الأشياء بالأسباب. وهذا مذهبُ السَّلف والأئمَّة، وسائر أنواع أهل العلم من الفقهاء وغيرهم، والعامة.

ولهذا قال تعالى في هذا النوع المتولِّد بسبب فعلهم وغير فعلهم:

{كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}، فلم يجعله نفسَ (٢) عملهم كما قالت القدريَّة، ولم يجعله أجنبيًّا عن عملهم كما قالت نفاة الأسباب المُثْبِتة، بل أخبر أنه يُكْتَبُ لهم به عملٌ صالح؛ لمعاونتهم عليه.

كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "من جهَّز غازيًا فقد غزا، ومن خَلَفَه في أهله بخيرٍ فقد غزا" (٣)، ونظيره قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من فطَّر صائمًا فله مثلُ أجره" (٤)؛ لأنه أعان على ذلك، فحصل الصومُ بمال هذا وعمل هذا.

فإذا عُرِفَ هذا، فالأنبياء الذين بلَّغوا الرسالة، فحصَل (٥) لهم بذلك

ظمأٌ ونَصَبٌ وأذى الخلق، يُكْتَبُ لهم بذلك عملٌ صالح، لا يكونُ أذى


(١) الأصل: "المدعوابه". تحريف.
(٢) الأصل: "نفسه". تحريف.
(٣) تقدم تخريجه (ص: ٣٢٩).
(٤) تقدم تخريجه (ص: ٣٢٩).
(٥) الأصل: "يحصل". والمثبت أظهر.