للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يكون الرجل صِدِّيقًا وشهيدًا وصالحًا، كما يكون نبيًّا وصِدِّيقًا وشهيدًا وصالحًا، قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: ٤١]، وقال إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [الشعراء: ٨٣]، وقال يوسف الصِّدِّيق - صلى الله عليه وسلم -: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: ١٠١].

فإن كان العالمُ صِدِّيقًا، والمجاهدُ ليس بصِدِّيق، فالصِّدِّيقُ أفضل. وكذلك بالعكس، إن كان المجاهدُ صِدِّيقًا، وذاك ليس بصِدِّيق، فالصِّدِّيق أفضل.

ولا يكون الرجل عالمًا عاملًا بعلمه حتى يكون مجاهدًا مخلصًا، ولا يكون الرجل مجاهدًا مخلصًا حتى يكون معه علمٌ بما أمر الله به وعملٌ بما أمر الله به.

والجهاد يكون باللسان، والدعوة إلى الله، واليد. والجهاد فيه علمٌ وعمل.

فلا يتميَّز (١) شخصان ليس في أحدهما جهادٌ وإخلاص، ولا في الآخر علمٌ وعمل، حتى يُفصل (٢) بينهما.

لكن قد يكون جهادُ هذا بالقتال وعملُه في ذلك أظهر، وقد يكون علمُ هذا الظاهرُ النافعُ للناس أكبر، وحينئذٍ فقد يكون هذا أفضل، وقد يكون هذا


(١) كذا رسمت في الأصل.
(٢) مهملة في الأصل. وكلاهما محتمل: التفضيل والتفصيل.