للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأشباح، وعلى رأس هذه المملكة الروحية القطب، وهو نظير الإمام أو المهدي في التشيع.

وقد سبق هؤلاء الباحثين بعضُ العلماء القدامى، فأدركوا التشابه بين القطب عند الصوفية وبين الإمام المنتظر عند الشيعة وبين الباب عند النصيرية، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن خلدون وغيرهما. وسيأتي ذكر موقفهما فيما بعد إن شاء الله. ومما يؤكد أن هذه الفكرة مأخوذة من الشيعة أن أحد علماء الشيعة حيدر ابن علي الآملي (ت بعد ٧٨٢) قرَّر في كتابه " نص النصوص" (١) جميع ما عند الصوفية بشأن رجال الغيب وأولياء الله، وذكر أن "القطبية الكبرى هي مرتبة قطب الأقطاب، وهو باطن نبوة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا يكون إلاّ لورثته، لاختصاصه عليه السلام بالأكملية، فلا يكون خاتم الولاية وقطب الأقطاب إلاّ على باطن ختم النبوة".

بعد هذا العرض الموجز لآراء بعض الباحثين المحدَثين والعلماء القدامى نصل إلى أن فكرة "القطب" فكرة دخيلة عند الصوفية، انتقلت إليهم من الشيعة القائلين بالإمام المنتظر، ومن الإسماعيلية الذين جعلوا رجالهم في مراتب ودرجات. وقد كان الصوفية القدامى إلى منتصف القرن الرابع بعيدين عنها، ْ ثم تسربت إليهم وتحكّمت فيهم بعد اتصالهم بالشيعة ومخالطتهم لهم في بلاد العجم. وتطورت هذه الفكرة فيما بعد إلى نظرية "الديوان الباطني"


(١) ق ٩١ - ٩٦ (نسخة مكتبة مجلس الأمة بطهران)، وعنه في ملحق كتاب "ختم الأولياء" للحكيم الترمذي، ص ٥٠٣ - ٥٠٦.