للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قومٌ من رؤساءِ المشركين من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يَطْرُد المؤمنين الضعفاءَ والفقراءَ عنه، فأنزل الله هذه الآية (١)، يأمره فيها بأن لا يَطْرُدَ أحدَا لأجل ضعفِه أو فقرِه إذا كان مؤمنًا يُرِيد وجهَ الله، فإنّ الناسَ إنما يُقَرَبُهم إلى الله الإيمانُ والتقوى، لا عِبْرةَ بالغنى ولا بالفَقر.

وقد ذكرَ سبحانَه ما يُناسِبُ هذه الآيات في سورةِ الأنعام إلى قوله: (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤)) (٢).

ثمَّ إنه سبحانَه قرَّر في السورة بعد التوحيدِ الرسالةَ والكتابَ المنزل، وذَكَرَ ما ذَكَره من رُسُلِه صلواتُ الله عليهم، وذَكَرَ المعادَ والثوابَ والعقابَ، ثمَّ إنه خَتَمَ السورةَ بذمِّ حالِ المشركين وما حرَّموه وما شَرَعُوه من الدين الذي لم يأذن به الله، فقال: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) (٣) إلى قوله تعالى: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ


(١) أخرجه مسلم (٢٤١٣) من حديث سعد بن أبي وقاص. والَاية مكية لا يمكن نزولها في أهل الصفة.
(٢) سورة الأنعام: ٦٣ - ٦٤.
(٣) هذا جزء من الآية ٢١ من سورة الشورى، ولعل المؤلف يَقصد هنا الآية ١٣٨ من سورة الأنعام: (وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (١٣٨)). فإن الآية التي ذكرها فيما بعد من سورة الأنعام، وهذه السورة هي التي يدور الكلام عليها هنا.